fbpx
علوممتفرقات

زلزال الحوز : القصة الكاملة لأعظم زلازل المغرب على الإطلاق

ما زال المغاربة يحاولون الاستفاقة من صدمة زلزال الحوز المدمر الذي ضرب ليلة 8 من شتنبر 2023 منطقة إغيل جنوب غرب مراكش، فقد كان الزلزال شديدا بقوة 7.2 درجات على مقياس ريختر، ولم يسبق له مثيل منذ قرن من الزمن. وخلف ضحايا بالآلاف بين قتيل وجريح، وشرد الآلاف في مناطق قروية، حين وجدوا منازلهم البسيطة قد سُويت بالأرض بين ليلة وضحاها.

ويرى مراقبون أن هذا الزلزال قد يكون الأقوى في تاريخ البلاد منذ عام 1755، من حيث شدته على الأقل، وقالت صحيفة “صانداي تايمز” البريطانية إن الطاقة التي حررها زلزال الحوز تعادل قوة 30 قنبلة نووية، كتلك التي أسقطتها الولايات المتحدة على اليابان إبان الحرب العالمية الثانية.

تاريخ المغرب مع الزلازل

موقع المغرب الجغرافي جعله منذ القدم منطقة معرضة للزلازل، ونجد أن أقدم هذه الهزات العنيفة الموثقة في المصادر التاريخية، يعود إلى 28 ماي 818، حين ضرب زلزال قوي ضفتي مضيق جبل طارق بين المغرب وإسبانيا، ولم يعرف بالضبط حجم الخسائر تسبب فيها، لكنه تسبب في مصرع عدد من الأشخاص، وانهيار بعض المنارات والصوامع الواقعة في شمال المملكة.

وتضرر المغرب كذلك من زلزال لشبونة العظيم الذي وقع يوم 1 نوفمبر 1755، وصُنف ضمن الأكثر فتكا تدميرا على مر العصور، وقد امتد تأثيره خارج البرتغال لأن مركزه كان بالبحر، ليصل إلى السواحل المغربية، خاصة “أنفا” (الدار البيضاء حاليا)، فقد سقط فيها المئات بسبب الزلزال وما أعقبه من موجات مد بحري (تسونامي) .

عندما نتحدث عن الزلازل في المغرب، فإن زلزال أكادير وسط غرب البلاد كان الأخطر على الإطلاق، لأنه ضرب ليلة 29 فبراير 1960، في ثاني أيام رمضان 1379هـ، فقلب المدينة الساحلية، مخلفا 15 ألف قتيل، أي ما يعادل ثلث سكانها في تلك الفترة.

وعلى الرغم من أن الزلزال بلغ قوة 5.7 درجات فقط على مقياس ريختر، واستمر حوالي 14 ثانية فقط، فإن الدمار الذي تسبب فيه كان كبيرا جدا، وأصبح بسبه 35 ألفا من سكان المدينة بدون مأوى، وقدرت خسائره المادية آنذاك بحوالي 290 مليون دولار.

عاش المغرب فترة هدوء زلزالي نسبي لسنوات بعد زلزال أكادير، فلم تسجل هزات كبيرة حتى سنة 1994، حين اهتزت ضواحي مدينة الحسيمة شمال شرق المملكة على وقع زلزال لم تتجاوز شدته 6 درجات على مقياس ريختر، لكنه أسفر عن انهيار آلاف المنازل، خصوصا في القرى والمناطق النائية.

وبعد عشر سنوات، عاد الزلزال إلى الحسيمة في فبراير 2004، لكن بقوة أكبر بلغت 6.5 درجات على مقياس ريختر، وخلّف أكثر من 628 قتيلا و926 جريحا، وأكثر من 15 ألف متضرر. ووُصف هذا الزلزال بأنه أحد أقوى وأعنف الزلازل التي شهدتها المملكة، وتضررت بسببه المناطق المجاورة للحسيمة خصوصا منها إمزورن وبني بوعياش وأيت قمرة التي حددها الجيولوجيون مركزا للهزة.

وهنا تعرض قناة ماروكان هيستوري حلقة شيقة حول تاريخ الزلازل بالمغرب

الفرق بين زلزال تركيا و المغرب

هنا تقدم قناة ستيب معطيات مهمة عن أعظم زلزالين هذ االعام

عواقب زلزال الحوز

توابع الزلزال

أزيد من 1000 هزة أرضية، تم تسجيلها ببؤرة الزلزال والمناطق المجاورة لها من قبل شبكة رصد وتتبع الزلازل بالمغرب في أقل من أسبوعين، 10 منها فقط كانت محسوسة من قبل المواطنين. وفق ما أكده ناصر جبور، رئيس قسم المعهد الوطني للجيوفيزياء، التابع للمركز الوطني للبحث العلمي والتقني.

إن المناطق المجاورة لبؤرة الزلزال حاليا تعيش ما يسمى بالأزمة الزلزالية، بمعنى بعد الزلزال العنيف ليوم الجمعة 8 شتنبر، تحركت الأرض في كل المنطقة والصدع الملتصقة بالصدع الرئيسي دخلت في نشاط يسمى بالنشاط البعدي، وهو عبارة عن هزات ارتدادية تبقى بضعة أسابيع.

رب ضارة نافعة الماء يتفجر في مناطق الزلزال

هناك صخورا مائعة متمثلة في الصخور الطينية والكوارتز غير مُمرِّرة للماء، حيث تتمتع بأهمية كبيرة في البحث عن المياه الجوفية، وتحبسها وتمنعها من التسرب إلى أعلى أو إلى الأعماق، وإذا وجدت فوق أو تحت طبقات مائية تسمى بالمياه الحبيسة أو المياه المقيدة.

الزلازل ك زلزال الحوز تخلق قوة جيودينامية شديدة، أصلها الفوالق النشيطة التي بإمكانها تحرير المياه الحبيسة أو المحفورة منذ مدة بين الصخور المائعة.فحركية الأرض تخلق فجوات تجعل الفرشة المائية تجد طريقها إلى السطح.

تضامن الشعب مع الشعب

لا شك إذن أن كوارث الزلازل في المغرب كانت قدرا محتوما على سكان هذا البلد منذ الأزل، فالموقع الجغرافي المميز للمملكة جعلها أيضا قريبة من منطقة زلزالية نشطة، قد تستمر في التحرك مسببة هذه الكوارث الطبيعية المفجعة.

وهذه الكوارث، أبانت في المقابل عن قدرة كبيرة على التضامن في المحن بين مكونات الشعب المغربي، فبمجرد أن أطلقت السلطات نداء للتبرع بالدم للجرحى والمصابين، تقاطر المئات على المستشفيات ومراكز تحاقن الدم في مراكش القريبة من مركز الزلزال وحتى في المدن البعيدة، مصطفين في طوابير طويلة للمساهمة في إنقاذ أرواح إخوانهم المتضررين.

كما تقاطرت المساعدات من داخل وخارج المغرب، ولم يتوقف المواطنون عن عرض المساعدات المادية والمعنوية منذ الساعات الأولى على وقوع الكارثة.

الإسمنت من يقتل ليس الزلزال

تعد الهزات الأرضية في حد ذاتها السبب الرئيسي للكثير من الوفيات جراء الزلازل، إذ تعتبر انهيارات المنازل والمباني والبُنى التحتية سببا لارتفاع حصيلة قتلى وإصابات هذه الكوارث، ويبرهن الخبراء ذلك بدراسة تداعيات الزلزال على مر التاريخ.
الجدير بالذكر أن الكثير من سكان المغرب يفضلون استخدام مواد مثل الخرسانة والحصى والطين في البناء بسبب دورها في التقليل من حرارة الشمس، إذ جرى تصميم الكثير من المنازل مع الأخذ في الاعتبار قدرتها على تحمل درجات الحرارة العالية.
رغم أن البشر عاجزون عن منع حدوث الزلزال، إلا أنهم يستطيعون الحد من تداعياتها وخسائرها المادية والبشرية عن طريق بناء منازل ومباني قادرة على مقاومة الزلازل.هناك بعض الخطوات المهمة التي يجب اتخاذها لتحسين مقاومة المباني التي يدخل في تشييدها مواد مثل الطين والحصى للزلازل، مثل استخدام مواد بناء عالية الجودة وتعزيز وتحسين طرق البناء بالإضافة إلى التخطيط الجيد للبناء .

إعادة إعمار مناطق الزلزال

رصد المغرب ميزانية قدرها 120 مليار درهم، ما يعادل 11,7 مليار دولار، لإعادة إعمار ست مناطق منكوبة إثر زلزال الحوز ، حسبما أعلن الديوان الملكي في بيان لفت فيه إلى أن القرار جاء إثر جلسة عمل الأربعاء 13 شتنبر جمعت الملك محمد السادس بقصره في الرباط بمسؤولين في الحكومة والجيش.

البرنامج يضم مشروعات تهدف إلى “إعادة بناء المساكن وتأهيل البنيات التحتية المتضررة… وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المستهدفة”، وكذلك الانفتاح على المناطق المتضررة.تمويل البرنامج سيكون من الميزانية العامة للدولة والمساعدات الدولية والحساب الخاص للتضامن الذي سبق وفتحته الحكومة المغربية بعد الكارثة.

اضطراب ما بعد صدمة الزلزال

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو حالة ضعف ناجمة عن أحداث سابقة تهدد الحياة والتي تظهر كأعراض إعادة التجربة، والتبلد، والتجنب، وفرط الإثارة، أظهر هذا الاضطراب معدلات متزايدة من الإعاقة الشديدة والمرض والوفاة المبكرة، تشير بعض الدراسات أن أكثر من ثلثي عامة سكان العالم يتعرضون لصدمات نفسية بعد وقوع زلزال في مرحلة ما من حياتهم، مما يؤدي إلى مجموعة واسعة من العواقب الصحية الجسدية والعقلية.

أفادت هذه الدراسة أن ما لا يقل عن 50٪ من الناجين من الزلزال قد يصابون بالاكتئاب المزمن والقلق العام واضطراب ما بعد الصدمة، والاعتلال النفسي. يعتمد الاختلاف في هذه التقديرات، بشكل عام، على تباين حجم الحدث الزلزالي، ونوعية الأسرة، والدعم الاجتماعي، والصحة العقلية الأساسية.

المصادر
موقع الجزيرة
هيسبريس
موقع شفاء
فرانس 24

الوسوم

محمد بوحدة

محرر ، مصمم مواقع وخبير في الأرشفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق