fbpx
رأي

هل ما زال المغرب خاضعا ل نظرية ليوطي

ما أن يثار موضوع الاحتلال الذي خضع له المغرب حتى تتراءى وتتعالى الأصوات التي إما تشجب تلك الفترة و تطالب عن تعويض عما اقترفته أيادي المحتل من جرائم متعددة الأوجه، أو في حالات خاصة من يتمنى عودة أو بقاء الاحتلال كرد فعل لما آلت إليه الأمور والأوضاع وكتعبير عن السخط منها خصوصا في منطقتنا العربية.

لكن المتفحص للمشهد العربي عموما والمغربي خصوصا يستشف أن الامر يتجاوز ذلك، فالاحتلال بغض النظر عن العلم الذي يحمله سواء كان فرنسيا أو إسبانيا لم يخلف مخلفات اقتصادية فقط كاستغلال خيرات وعمال البلاد وجعل هذه الأخيرة سوقا لاستهلاك مواده، بل وصل الامر أنه رسم لنا معالم سياسة سيطرة لوقت طويل على إجراءات الدولة وتدخلاتها وطبعت بقوة تاريخ البلاد وذلك من خلال منظرها ليوطي في ما يعرف بثانية المغرب النافع/المغرب الغير النافع.

يعتبر ليوطي Lyautey  1854-1934 الذي عين مقيما عاما لفرنسا بالمغرب سنة 1912 أول من رسم معالم هذه السياسة ولا عجب في ذلك فغايته إرساء ركائز احتلال يواجه مقاومة شرسة وهدف بلده تسريع الاستغلال الاستعماري لهذا البلد ولذلك نرى أنه ركز بشكل كبير على مناطق محددة ترتكز فيها الموارد المعدنية والخيرات الفلاحية والسمكية تتوفر على عمالة متوفرة وأقام فيها سكك حديدية وطرق مواصلات ليس حبا في سواد عيون المغاربة وإنما لتسهيل وتسريع  نقل هذه الخيرات  الى الموانئ لتصل في مرحلة أخرى لفرنسا، والاهم من هذا وذاك لا يعاني فيها الاحتلال الفرنسي مقاومة قوية.

خرج المحتل وحصل المغرب على استقلاله بتاريخ 18 نوفمبر سنة 1956 ولكن السؤال المطروح هو: هل مزال المغرب خاضعا ل نظرية ليوطي ؟ 

نتفهم كثيرا أن مرحلة الاحتلال لا يمكن التخلص منها بسهولة لكن في الوقت نفسه لا يجب المشي على خطاها دون جهد مذكور لكي لا نقع في أخطاء الماضي، بل يجب الاعتماد على أنفسنا لبناء دولة حديثة ومجتمع خلاق وحر ومنتج يتأقلم مع الوضع الجديد ويحاول اصلاح ما افسده الاحتلال.

لكن وللأسف نحن في 2021 وبعض المناطق لم تصلها الطرق بل تعد مناطق طرد للسكان لأن لا عمل لا مرافق  تجعل من الساكنة تستقر في هذا المجال او ذاك. فمنطقة الجنوب الشرقي مثلا اعتبرها ليوطي غير نافعة كانطباع سطحي عليها بسبب المناخ السائد وطبيعة التضاريس ، ولكن أليس منها خرج أطر كثر في شتى المجالات، أليس منها ننتج أجود أنوع التمور !!! بل أبعد من ذلك أليست هي مستقبل المغرب فيما يخص الطاقة الشمسية….. ورغم ما عددناه من مناقب لهذه المنطقة كنموذج بسيط فهي تفتقر لنفق طرقي يسهل تنقل أبنائها لباقي مناطق المغرب وتغيب عنها نواة جامعية تحتضن طلابها….

في الأخير يمكننا القول اننا كنا ضحية عوامل خارجية لما آلت اليه الأمور  من تخلف وتراجع واحتلال مراتب متأخرة في عدة مستويات على حد قول سمير أمين، لكن في الوقت نفسه نحن مسؤولون  بوجه من الأوجه عن هذا الحال   حسب قول غروستوف بسبب سوء التسيير ومظاهر الفساد والرشوة وكنيجة أيضا لتفريط الدولة في قطاعات التعليم والتشغيل وتبقى الامال معلقة بشكل كبير على أن نرى وطننا بصورة بهية ومبهجة اذا ما كانت إرادة سياسية حقيقية و دعم مجتمعي غير مشروط واستغلال امثل وأقوم لخيرات البلاد.

الوسوم

أحمد خضير

أستاذ تاريخ

مقالات ذات صلة

إغلاق