علوم
كهرباء تسلا أو الكهرباء اللاسلكي .. ماذا تعرف عن نقل الكهرباء بدون أسلاك ؟
تعتمد فكرة كهرباء تسلا على نقل الطاقة لاسلكيًّا، باعتبار أن الكون بكل موجوداته صالح للشحن الكهربائي، حتى إن هناك واقعة شهيرة عن تسلا أنه أنار مصباحًا كهربائيًّا بيديه، ولذلك صمم تسلا بُرجًا يعمل بدور شاحن كهربائي كبير لكل ما حوله ويمد الموجودات بالطاقة، فإذا كان هذا البرج بجوار أرض رملية بجانب منزلك، يمكنك أن تضع مصباحًا كهربائيًّا في الأرض؛ وسينير.
لو نظرنا داخل البرج سنجد في قاعدته محولًا يقوم برفع الفولت الكهربائي، بحيث يأتي الفولت من مصدر للطاقة مثل التيار الكهربائي العادي أو مولد كهربائي، ثم ينقل المحول التيار للسلك الرئيسي والذي يمتص الشحنة الكهربائية بالكامل لوجود مكثف؛ إذ يعمل مثل الإسفنجة فيمتص الشحنات الكهربائية حتى يمتلئ بها ويطلقها إلى السلك الذي يوصلها بدوره إلى قمة البرج ويطلقها في الكون على شكل موجات مغناطيسية غير مرئية؛ تعمل على شحن الموجودات بالكهرباء
شاهد تجربة علمية أجريت في عام 2019 لإعادة تنفيذ برج تسلا
فإذا كان هذا البرج بجوار منزلك وأمام منزلك تربة رملية يمكنك أن تنير مصابيح في هذه التربة، أو تشحن هاتفك بمجرد أن تضعه على شباك الغرفة، وإن كانت تبدو لك هذه الفكرة غريبة أو غير معقولة، تذكر أنك تستخدم الآن الإنترنت لاسلكيًّا، فما الذي يمنع توصيل الطاقة من أن يكون بالطريقة نفسها؟
في عام 1899 وباستخدام هذا البرج، استطاع تسلا نقل 100 مليون فولت من الكهرباء عالية التردد لاسلكيًّا عبر مسافة تصل إلى 36 ميلًا والتي استطاعت أن تضيء 200 مصباح وتشغل محركًا كهربائيًّا في مدينة كولورادو، وكانت تلك التجربة فريدة من نوعها وغريبة، حتى إن سكان تلك المدينة أطلقوا على تسلا لقب «الساحر».
الأمان والصمود والتحمل
بغض النظر عن المزايا التي تمنحها الكهرباء اللاسلكية في إمكانية شحن الهواتف من خلال الأثاث أو حتى الجدران، فهناك العديد من الفوائد لتلك النوعية من الكهرباء، ويعد الأمان أهم تلك الفوائد.
من منا وهو طفل لم يتعرض لهذا الحادث الصغير عندما يمر التيار الكهربائي في الجسد ويجعله يرتعش وينتفض، سواء كان هذا بسبب سلك عارٍ من البلاستيك الحامي له، أو لأننا لامسنا الكهرباء ونحن نقف على مياه، ولكن تلك الحوادث تعد أقل الخسائر البشرية للكهرباء السلكية، فمن يتعرضون في وظائفهم للتعامل اليومي مع الكهرباء، يمرون بتجارب أصعب قد تصل إلى الموت، ووفقًا للإحصاءات الأمريكية فعدد الوفيات بسبب حوادث الكهرباء في العمل قد تصل للمئات سنويًّا وتتزايد مع مرور السنوات، وتلك هي الوفيات التي سُجلت ورصدت.
ولكن مع الكهرباء اللاسلكية فتلك الحوادث لن تحدث، فليس هناك أسلاك في كل مكان تحمل التيار الكهربائي القادر على إيذاء البشر، كما أنها كهرباء عازلة للمياه، بمعنى أن تلك الأجهزة التي تضطر لغلقها وفصلها عن الكهرباء بهدف تنظيفها لأن المياه قادرة على إفسادها إذا تفاعلت مع الكهرباء اللاسلكية؛ يمكنك مع الكهرباء اللاسلكية أن تنظفها وهي تعمل، وهو الأمر الذي قد يكون عمليًّا وموفرًا للوقت والجهد في الأماكن الصناعية التي تحتوي على آلات وأجهزة كبيرة.
التلوث البيئي سيقل بنسبة 30%
في عام 2018 خرجت دراسة للنور عن «الجدوى الاقتصادية والتأثير البيئي لنقل الطاقة اللاسلكية أثناء الحركة»، في محاولة لرصد التغيرات الاقتصادية والبيئية التي يمكن أن تحدث لكوكب الأرض والبشر في حالة استخدام نقل الطاقة اللاسلكي في المحركات (السيارات وجميع وسائل النقل) بدلًا من انظمة محركات الاحتراق الداخلي التي نستخدمها الآن.
وأوضحت تلك الدراسة أنه ربما لا تكون الفوائد الاقتصادية لاستخدام تلك التقنية سريعة، وهذا إذا أخذنا في الاعتبار رأس المال الذي سينفق من أجل تنفيذها، ولكن ما أكدته الدراسة أن النتيجة النهائية لاستخدام تلك الكهرباء اللاسلكية في المركبات؛ سيكون لها «عائد وطني على الاستثمار» مع مرور الوقت، أما عن التأثير البيئي، فهو الذي سيكون سريعًا ووقتيًّا، فإجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة من المركبات والشاحنات ستنخفض بما يزيد على 29 تريليون كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون، بما يعادل 30% مقارنة بما تتعرض له الأرض الآن من أضرار بيئية بسبب عوادم السيارات.
لماذا لا نملك كهرباء تسلا الآن؟
كان هدف تسلا من البرج الذي بناه، أن يرسل موجات الكهرباء عبر الهواء، ولكن تلك الطريقة لا تستطيع سوى توزيع الطاقة اللاسلكية لمسافات قصيرة، ولذلك فكر تسلا: هل سيكون الاتصال أقوى إذا مر التيار عبر الأرض بدلًا من الهواء؟ وكانت نظرية تسلا هي إرسال الكهرباء إلى عمق الأرض واستخدامها موصلًا عملاقًا، وبذلك – وفقًا لنظريته- يمكن أن تتحرك الكهرباء اللاسلكية إلى مئات الأميال دون انقطاع، ويمكن لأي شخص لديه جهاز استقبال الوصول إليها.
وكتب تسلا في المجلة الأمريكية عام 1921 يقول إن تلك النظرية ستكلل بالنجاح إذا جرى تطويرها تجاريًّا، ولكن يقول مارك سيفر مؤلف كتاب «Wizard: The Life and Times of Nikola Tesla» إنه حتى يومنا هذا لا أحد متأكد أن خطة تسلا الخاصة بتوصيل الكهرباء عن طريق الأرض كانت ستنجح، وأكد – سيفر- أن فكرة تسلا عن استخدام الأرض لإرسال الكهرباء لمسافات طويلة لم يجر اختبارها بدقة، ويشكك بعض مهندسي الكهرباء في نجاحها، ولذلك قد نستطيع تطبيق الكهرباء اللاسلكية عن طريق برج تسلا، ولكن هذا سيوفر الكهرباء لمسافات قصيرة، ما يجعلها طريقة غير عملية.
بالإضافة إلى ذلك، فكرة أن تكون موجات الكهرباء غير المرئية يمكنها العبور من جميع الأجسام الموجودة على كوكب الأرض، ومن بينها جسم الإنسان، حولها تساؤلات حيوية ودراسات ما زالت تُجرى بهدف اكتشاف التأثيرات الصحية السلبية على جسم الإنسان في حالة تطبيق هذا النوع من الكهرباء بديلًا للطاقة على ظهر كوكب الأرض، وفي دراسة نشرت بالعام 2017 أكدت أن هناك طرقًا يمكن التحكم فيها بكمية ونوعية الطاقة الكهرومغناطسية الذي سيكون البشر معرضين لها، ولكن الأمر سيجعل تنفيذ المشروع أكثر تعقيدًا.