fbpx
علوم

أندر فصيلة دم في العالم ماذا تعرف عن فصيلة الدماء الذهبية ؟

في بداية فصل الخريف، منذ ما يزيد على 40 عامًا، وقفت الطبيبة ماري جوزيه ستلينغ المقيمة في مستشفى جامعة جنيف، تتأمل تحليل فصيلة دم الطفل توماس الجالس أمامها، وتنظر إلى الطفل ثم إلى الدماء أكثر من مرة، والدهشة والمفاجأة تسيطر على ذهنها، إذا ما كانت تراه صحيحًا دون أي خطأ فهذا يعني أنها تمسك بين يديها أندر فصيلة دم في العالم ، وأن مستقبلها ومستقبل المستشفى على وشك اتخاذ مسار جديد رائع؛ ولكن قبل أن تتقافز من الفرحة، كان يجب أن تتأكد، ولذلك أرسلت فصيلة الدم إلى أمستردام وباريس من أجل إجراء المزيد من التحاليل للتأكد.

ما أظهرته التحاليل أن الأمر ليس فيه أي شك، كانت الطبيبة تدرك ذلك، تلك ليست فصيلة  دم نادرة بالمعنى الطبي المتعارف عليه، تلك الفصيلة لم تظهر بين البشر إلا عام 1961، وعلى مدار 50 عامًا منذ اكتشاف تلك النوعية النادرة من الدماء، لم يتم الكشف إلا عن 43 شخصًا يحملون هذا النوع من الدماء، والذي يسمى Rhnull، وهذا الاكتشاف الذي جاء نتيجة الصدفة، هو ما أهل ماري لمنصب رئيس مختبر الدم والأمراض المناعية في مستشفى جامعة جنيف، ومنح توماس -الطفل في ذاك الوقت- لقب صاحب الدماء الذهبية.

لماذا تسمى تلك الفصيلة بالدماء الذهبية؟

هناك الكثير من فصائل الدم النادرة، وهذا يعرض صاحب تلك الدماء إلى الخطر في حالة وقوع حادثة أو إجراء عملية جراحية ولم يتوفر متبرع متوافق دمه مع دم المريض حتى ينقل له الدماء، فبعض الناس تموت لهذا السبب فقط. وقد أكد الطبيب تييري بيرارد رئيس المختبر المرجعي الوطني للأمراض المناعية في باريس، أن فصيلة الدم النادرة Rhnull هي دماء ذهبية، وفصيلة شاملة يمكنها أن تحل محل أي فصيلة نادرة متعارف عليها  طبيًّا، وهذا نفس السبب الذي يجعلها من أغلى و أندر فصيلة دم في العالم ، فحامل تلك الفصيلة بين عروقه، لديه القدرة على إنقاذ الملايين من أصحاب الدماء النادرة.

الأمر أشبه بالأصل والصور المتعددة، ولتبسيط الأمر يمكنك أن تتخيل فصيلة الدم Rhnull كأب واحد لديه الملايين من الأبناء، هذا الأب لديه دماء غاية في الندرة والتميز، وأبناؤه كذلك، ولكن أبناءه -أي أصحاب الدماء النادرة المتعارف عليها- ليس لديهم القدرة أو الإمكانية الكافية لحماية بعضهم البعض، ولذلك حين يظهر الأب -حامل فصيلة Rhnull– يمكنه أن ينقذ أي ابن من أبنائه، وللمزيد من تبسيط الأمر؛ يمكنكم أن تتخيلوا فصيلة الدم Rhnull ملكًا يجلس على العرش ومن حوله تلتف فصائل الدم النادرة الأخرى.

ما معنى أن يكون لديك أندر فصيلة دم في العالم ؟

بالنسبة لعامة الناس فصائل الدم A وB وO، من الفصائل المتعارف عليها وسمعوا عنها كثيرًا، ولكن ما لا يعرفه البعض أن داخل تلك الفصائل أنواع عديدة من فصائل الدم، وهذا يتوقف على ما تحتويه خلايا الدم من «مستضدات antigens»، وعادة ما تصل المستضدات في الدم إلى 342، وتُحدد فصيلة الدم وفقًا لتوفر تلك المستضدات في الدم أو انعدامها، وعندما ينعدم أحد المستضدات في دم الشخص فتكون دماؤه سالبة لهذا المستضد.

وحين يحتاج هذا الشخص إلى متبرع بالدم؛ يجب أن يجد الأطباء متبرعًا تنعدم في دمائه نفس المستضدات المنعدمة في دماء المريض؛ لأن إذا كان المتبرع دمه إيجابي للمستضد المفقود في جسد المريض، فقد يؤدي نقل الدم إلى وفاة المريض بعد أن يدمر جهازه المناعي، ولكن حين يصل الأمر إلى فصيلة الدم Rhnull؛ فهي سالبة لجميع المستضدات، وهذا ما يميزها، ويمنح صاحبها القدرة على التبرع لأي شخص دماؤه سالبة أو نادرة، ولذلك هذا الدم النادر يعتبر وجوده في أي مستشفى أو مركز علاجي بمثابة منقذ للأرواح.

وفي نفس الوقت إذا احتاج صاحب هذه الدماء نقل دم، فأي شخص يحمل أي فصيلة دم نادرة من الفصائل المتعارف عليها؛ يكون قادرًا على نقل الدم إلى صاحب الدماء الذهبية، هؤلاء القلة النادرة متفرقون حول العالم بين آسيا والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وربما يكون هناك المزيد منهم بيننا، ولكن لم يتم الكشف عنهم حتى الآن.

وعلى الرغم من أهمية تلك النوعية من الدماء، واعتبار وجودها معجزة حقيقية، إلا أن نشرها دوليًّا تقف البيروقراطيةعقبة كبيرة أمامه، وفي بعض الأحيان يحتاج المتبرع أن يسافر على نفقته الخاصة إلى بلد آخر للتبرع بالدماء؛ نظرًا إلى الوقت الطويل الذي تحتاجه الأوراق الرسمية من أجل عبور كيس من الدم النادر من الميناء الجوي.

هل أتى الدم الذهبي من الفضاء؟

في عام 1961، عُثر على الحالة الأولى التي تحمل بين عروقها الدم الذهبي، وكانت سيدة من السكان الأصليين لأستراليا، وعند اكتشافه للمرة الأولى، كان الأمر مخيفًا بعض الشيء؛ لأن فصيلة الدم كانت تفتقد ما يزيد على 60 من المستضدات، وهو أمر مستحيل بالنسبة لشخص حي، وعلى مدار أكثر من 50 عامًا؛ أي منذ اكتشاف أندر فصيلة دم في العالم ، لم يتم الكشف إلا عن 43 شخصًا يحمل هذا النوع من الدماء دون أن تؤثر في صحتهم بالسلب، وهو أمر لم يستطع العلم تفسيره بشكل حاسم حتى الآن؛ مما فتح المجال للعديد من الإشاعات والتفاسير الغريبة حول حاملي تلك النوعية الذهبية من الدماء.

وما أثار المزيد من الغموض حول حاملي هذا الدم، هو عدم قدرتهم على توريثه، فالشخص الحامل للدم الذهبي لا يوجد أحد من أفراد أسرته السابقين يحمل نفس الدم، ولن يحمله أي من أبنائه؛ حتى أن الأم الحامل لا تستطيع تمرير تلك العملة النادرة لجنينها، وهناك قواسم مشتركة بين حاملي هذا الدم مثل: ارتفاع نسبة الذكاء بمعدل أعلى من الإنسان العادي، وشعرهم يميل إلى اللون الأحمر، ولديهم حساسية مبالغ فيها تجاه الحرارة، ودرجة حرارة أجسامهم أقل من المعدل المتعارف عليه لدى البشر، وعيونهم عادة ما تكون خضراء أو زرقاء، وجينات أجسامهم تفتقد الجينات التي يشترك فيها البشر مع القرود، والتي جعلت العلم يجد تفسيرًا وإثباتًا آخر لنظرية تطور البشر من القرود.

فإذا كان حاملو أندر فصيلة دم في العالم لم تنحدر أصولهم على هذا النحو من أصول بقية البشر، فمن أين أتوا هؤلاء البشر؟ منالفضاء بالطبع! هكذا اختار البعض هذا التفسير وشرعوا في إجراء دراسات تحاول إثبات تلك الفرضية، واختار البعض الآخر أن يطرح أسئلة من نوعية: ولماذا لا تكون هذه الدماء إلهية أو مقدسة؟

وتلك نظرية ناقشها الكاتب الإنجليزي نيك ريدفيرن -المهتم بعالم الفضاء- في كتابه «Bloodline of the Gods- دماء من سلالة الآلهة»؛ إذ طرح نظرية عن التلاعب الجيني الذي قد يكون مر به الإنسان، في حالة وجود فضائيين عاشوا بيننا دون أن نعلم، وأصبحوا جزءًا من مجتمعنا وحياتنا، وبشكل أو بآخر استطاعت تلك الكائنات تمرير جيناتها الفريدة إلى دماء البشر، تمهيدًا للعودة إلى الأرض إذ كانت ملكهم من قبل، أو لغزوها حين الحاجة، وإذا لم يكن هذا حقيقيًّا -وفقًا لرأي الكاتب- فإن هذه الدماء غالبًا من سلالة الآلهة، وطالما لم يغلق العلم باب التساؤلات والفرضيات بتفسير حاسم؛ سيظل الأمر لغزًا طبيًّا غامضًا بالنسبة للعلم والعالم.

الوسوم

محمد بوحدة

محرر ، مصمم مواقع وخبير في الأرشفة

مقالات ذات صلة

إغلاق